2/21/2010

ربما تكون هناك حرب تموز جديدة كالتي عانى لبنان ويلاتها عام 2006 وسط ذرائع لا ينضب معينها

وجه أمي
عندما يؤكد رئيس وزراء لبنان سعد الحريري في حاضرة الفاتيكان امس التمسك بالقرار 1701 في مواجهة عاصفة التهديدات الاسرائيلية فهو يماثل في مضمون تأكيده تماما دعوة الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط خلال استقباله زعيم "التيار الوطني الحر" ميشال عون في الشوف الى تفادي الوقوع في "فخ لعبة الأمم". فالوطن الصغير الواقع اليوم بين حجري الرحى اللذين يطحنان السلام في الشرق الاوسط وهما اسرائيل وايران، في امس الحاجة الى كل جهد ينطلق اساسا من لبنان لحمايته من الفصل الجديد من اللعبة الجهنمية التي تحاول ايجاد كبش فداء عن الحروب الكبيرة التي قد لا تقع الا على رؤوس الصغار.
لا احد يعلم في لبنان الحد الذي يفصل بين وظيفة سلاح "حزب الله" للدفاع عن الوطن وبين وظيفته للدفاع عن اولياء امره في طهران. ولا احد يعلم متى تبصر الاستراتيجية الدفاعية النور، وهي التي من شأنها ان تحدد وظيفة هذا السلاح. او ربما تكون هناك حرب تموز جديدة كالتي عانى لبنان ويلاتها عام 2006 وسط ذرائع لا ينضب معينها.
امام مئات الآلاف من اللبنانيين الذين جددوا البيعة لثورة الارز في 14 شباط الماضي نطق خطباء المهرجان "كفرا" بتركيزهم على قيام الدولة التي يعود كل سلاح الى امرتها.
وامام بضع مئات من الانصار الذين دربوا على رفع القبضات التي تستنسخ التراث البائد للنازية والفاشية نطق السيد نصرالله في مهرجان 16 شباط "قداسة" باطلاق صواريخ التهديدات ضد اسرائيل فأوقعت هلعاً في نفوس اللبنانيين.
وبين "الكفر" المؤمن بالدولة و"القداسة" الكافرة بالسلام اللبناني يصول النفاق ويجول على اعلى المستويات لتكتمل جوقته باتصال الرئيس الايراني بنظيره اللبناني وزعيم حزب ولاية الفقيه. فبعد مرحلة قاد فيها ايران الى حافة الانهيار يكلف نجاد اليوم نصرالله مهمة محو اسرائيل من الوجود.
على من قرأ هذا الكلام واخذه على محمل الجد ان يسأل الدولة اولا ثم "حزب الله" ثانياً، ثم ايران ثالثاً: ماذا اعددتم لاحتمال تنفيذ نصرالله وعد نجاد بمحو اسرائيل؟
كل المعطيات تفيد حتى هذه اللحظة ان ملجأ مدنياً واحداً لم يبن في مناطق سيطرة "حزب الله" بعد الدمار الهائل الذي الحقته اسرائيل بها عام 2006. 
كاتب هذه السطور وفي وقت ليس ببعيد كان في منطقة بنت جبيل يجول فرحا على مشاهد العمران الذي عاد الى المنطقة التي عاندت ويلات تماثل دمار برلين في الحرب العالمية الثانية، لكنه لم يجد جوابا عن سؤال وجهه صاحب متجر في بنت جبيل: هل ستقع الحرب مجدداً؟
في نهاية الاسبوع الذي تلا استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005 وكان يوم الاستشهاد يوم اثنين، لاقت امي وجه ربها وكان يوم احد. ووسط الحزن العظيم الذي كان يلف لبنان والعالم كان الحزن الخاص ووداع قبّلت فيه وجه امي ويديها.
في حرب تموز 2006 عاد اليّ وجه امي باكياً عندما كانت الصور المروّعة واخبارها تعم العالم حول عجائز الجنوب اللواتي تركن يلاقين مصيرهن تحت الانقاض وأصبحت اجسادهن طعاماً للحيوانات الشاردة.
قبل فوات الاوان، نطالب المسؤولين والمحرضين والمنافقين بأن يعدوا الملاجىء لأمهاتنا كي يتركوا لنا فرصة تقبيل وجوههن وأياديهن واقدامهن اذا ما قيد لهن ان يلاقين ربهن في اعصار الجنون اذا ما هب مجدداً.

احمد عياش     
ahmad.ayash@annahar.com.l

Aucun commentaire: